كتب- عمر ياسين وطارق سمير:
البعض يتحفظ على الحركة، حتى تيار الاستقلال نفسه يتبرأ منها، ''قضاة من أجل مصر'' في مهب الريح، لكن قضاته صامدون لا يخشون العزل، مصرون على مواصلة المشوار إلى نهايته، مؤكدين أن العزل لن يجعلهم يبكون على اللبن المسكوب.
''مصراوي'' حاور المستشار عماد أبو هاشم، عضو الحركة، ليبين وجهة نظر مختلفة عما يقال مؤخراً في حق الحركة.
- بداية، نريد نبذة عن حركة ''قضاة من أجل مصر''؟ وكيف تم جمع القضاة المؤيدين لأفكار الحركة بها؟
حركة قضاة من أجل مصر هي فكرة التقى حولها عدد من كافة الهيئات القضائية، لدعم أواصر الثقة في إشراف القضاء على الانتخابات، و للمطالبة بالاستقلال الكامل للقضاء والدفاع عن هيبته وحصانته، والتأكيد على أن القاضي لا يخضع في أحكامه لأية جهةٍ كانت، بعد أن حاول نادي القضاة إقناع الرأي العام أن القضاة سينساقون لدعوته، بعدم تنفيذ ما سيصدر عن مجلس الشعب من قوانين، واجتمع الملتفون حول هذه الفكرة- ومعظمهم من تيار استقلال القضا - ثقةً في رئيسها ومؤسسها المستشار الجليل زكريا عبد العزيز، رائد تيار الاستقلال في مصر.
- هل للحركة موقف من المستشار أحمد الزند ونادي القضاة؟
نظرًا لتبني مجلس إدارة نادي القضاة موقفًا معاديًا لثورة الخامس والعشرين من يناير المجيدة، أفصح عنه بالبيان الذي ألقاه المستشار الزند رئيس النادي- إبان اشتعال الثورة- والذي طالب فيه القضاة بعدم المشاركة فيها، بعد أن أبدى رفض نادى القضاة لها وتمسكه بنظام مبارك، فقد ناصبنا مجلس إدارة النادي العداء الشديد، لتبنينا الصياغة القانونية لأفكار ومبادئ وشرعية ثورة يناير المجيدة، التي يقف الزند وفريقه موقفًا معاديًا لها ولكل من يؤمن بها.
وعندما أفرز المد الثوري شرعيةً منتخبةً، تتمثل في الرئيس محمد مرسي الذي ينتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين، حاول الزند التشكيك في حيادنا في التعامل مع النواحي القانونية المطروحة على ساحة التغيير الثوري، بالقول بانتمائنا لجماعة الإخوان المسلمين، رغم يقينه أن قضاة مصر جميعهم لا علاقة لهم بالإخوان المسلمين، وبعد ''انقلاب 3 يوليو'' أمعن في إطلاق هذا القول، ردًا على موقفنا الرافض لذلك الانقلاب، باعتبار أنه من الناحية القانونية عملٌ غير مشروعٍ ينحدر إلى درجة الإنعدام، لافتقاره إلى السند القانوني الذي يبرره.
- لماذا لم تقم دعوى قضائية حين تم فصل ''قضاة من أجل مصر'' من عضوية النادي؟
لأنه لا يوجد في لائحة النادي ما يبيح فصل أي عضو في الهيئة القضائية، فتلك القرارات لا قيمة لها من الناحية القانونية ''ما لم نعلن بها على وجهٍ قانوني''.
- هل حركة ''قضاة من أجل مصر''، لديها انتماءات سياسية لجماعة الإخوان المسلمين لرغبتهم في عودة الشرعية؟
بعد ''انقلاب 3 يوليو''، تحولت مصر من دولة القانون إلى دولة اللاقانون، على أيدي الانقلابيين الذين شاركهم وآزرهم نادي القضاة منذ الوهلة الأولى، وقد حضر رئيس محكمة النقض رئيس مجلس القضاء الأعلى لحظة إعلان الانقلاب، خروجًا على ما تنص عليه الفقرة الثانية من المادة 73 من قانون السلطة القضائية، والتي تنص على أنه ''و يحظر كذلك على القضاة الاشتغال بالعمل السياسي''، لأن المشاركة في الانقلاب قطعًا هي نوعٌ من الاشتغال بالسياسة، يفصح عن انحياز رئيس مجلس القضاء الأعلى لفريق الانقلاب، ضد المطالبين بعودة الشرعية الذين يحاكمون الآن- وعلى رأسهم رئيس الدولة المنتخب- أمام المحاكم الجنائية، لأنه يفقد المحاكم حياديتها المنشودة انحياز شيخ القضاة إلى فريق الانقلاب في محاربة الشرعية، وفي الجهة الأخرى تغض الجهات المسئولة الطرف عن آلاف القتلى، الذىن سقطوا من المطالبين سلميًا بالشرعية على أيدى قوات الأمن، لذلك أقول لك أن القضاء معطلٌ وبالتالي فإن القانون هو الآخر معطلٌ، لكن الحقيقة أننا لا علاقة لنا بالإخوان المسلمين، و دعمنا لشرعية الرئيس مرسي ينبني على موقفٍ قانونيٍ محايدٍ و مجردٍ عن أي اعتبار.
- هل توقعت الحركة إحاله بعض أعضائها للصلاحية؟ و كيف تلقت الحركة خبر إحالة أعضائها للصلاحية؟
قرار إحالة ''قضاة من أجل مصر'' يعد قرارا متوقعا اليوم، وإن قرار إحالة عدد من قضاة الشرعية إلى المحاكمة التأديبية على خلفية دفاعهم عن الشرعية الدستورية التي هي في المقام الأول أسمى واجبات القاضي، ما هو إلا نوعٌ من الملاحقات القضائية السياسية ''السياقضائية''، التي كشفت عن عوار قانون السلطة القضائية، الذي ينتقص إلى حدٍ بعيدٍ من حصانة واستقلال القضاء لصالح السلطة التنفيذية ممثلةٌ في وزير العدل، الذي يمكنه بموجب ذلك القانون وما تحت يديه من أجهزة قمعية، تسمى مجازًا بالتفتيش القضائي أن يتعقب من يشاء من القضاة دون حساب.
وقد تلقينا خبر إحالتنا إلى لجنة التأديب، التي يرأسها المستشار محفوظ صابر، مساعد وزير العدل الأسبق ممدوح مرعى لشئون التفتيش القضائي، دون أن تهتز شعرةٌ في رءوسنا، فلسنا ممن يمكن إخافتهم أو إرهابهم، وأعتقد أن تلك الملاحقات ما هي إلا أداةٌ لإخافتنا، وأنها ستنحسر عن إدانة العدالة في مصر دون إدانة أحدٍ فينا، وإلا سينهار القضاء في مصر ويفقد العالم الثقة في استقلاله، وهذا أمرٌ خطير، إننا نزداد قوةً يومًا بعد يوم، لأن كل تلك الملاحقات تؤكد أهمية الدور الذي نلعبه على الساحة القضائية في مصر، مما يزيدنا إصرارًا على إكماله.
- ما هي أسباب طلب أعضاء الحركة المحقق معهم بتأجيل جلسة التحقيق؟
لأننا لم نعلن بالمخالفة لقانون السلطة القضائية - بالأمور المنسوبة لنا، فكان الأمر يستدعي طلب أجل للإطلاع وللحصول على صورة رسمية من الأوراق، لنقف على سبب إحالتنا إلى لجنة التأديب.
- ما هو القرار المتوقع الذي تجده مناسبا من وجه نظرك ؟وما هى ردود فعل أعضاء الحركة في حالة صدور قرار بإقصاء أعضائها من العمل بالقضاء؟
لا أتوقع العزل، وإن حدث فلن يثنينا عن مواقفنا ولن نجلس للبكاء على اللبن المسكوب، نحن نعمل من أجل الله والوطن، لا ننشد منصبًا أو سلطانً،ا ولن يقف بقاؤنا في سدة القضاء حجر عثرة أمام قول الحق.
- ما هي تجهيزات هيئة الدفاع عن أعضاء الحركة المحقق معهم في الجلسة المقبلة؟
ما زالت تجهيزات هيئة الدفاع في طور الإعداد والتجهيز، حيث يتم إعداد كافة المستندات التي تثبت نزاهة أعضاء الحركة، بالإضافة إلى النظر في التحقيقات بشكل مفصل، حتى يتضح لهم التهم التى تنسب إليهم ليجهزوا المرافعة أمام لجنة التأديب.
- لماذا ترككم المستشار زكريا عبد العزيز، ونسب له قوله بأن الحركة انحرفت عن المسار؟
لازلنا نعتبر المستشار زكريا عبد العزيز هو المؤسس الأول لتيار استقلال القضاء، وتربطنا به علاقة حبٍ واحترامٍ، وأى اختلافٍ قيل كان في أسلوب العمل، أما المبادئ التي نؤمن بها فنتفق مع سيادته عليها، وليراجع الجميع مواقف المستشار زكريا عبد العزيز طيلة عامٍ مضى.
- هل يعجبك حال القضاة الآن والانقسام الحادث ؟
الانقسام أوجده - للأسف الشديد - نادي القضاة حين أقحم نفسه في أتون معارك سياسية لا ناقة لنا فيها ولا جمل، وحاول أن يبث معلوماتٍ مغلوطةٍ تمس القضاء والقضاة، مما دعانا للرد عليها، حتى لا نتحمل جريرتها أمام التاريخ، هذا الذي أوجد الانقسام، وإن كنت آمل أن يعود للقضاء هيبته ووحدته في القريب العاجل.
- هل تجد في تظاهرات مليونية دعم صمود واستقلال القضاء، التي تمت تزامنا مع قرار الإحالة للصلاحية هجوما على الغرب؟ ولماذا؟
نعم تعد هجوما على الغرب وكافة الدول، لأن مليونية صمود واستقلال القضاء تؤكد للكافة، أن ما نقوم به غير منبتٍ عن الإرادة الشعبية، وأن المخالفين لنا في الرأي هم من يعاند إرادة الشعب ويقف حجر عثرةٍ في بلوغه ما ينشده من ثورته، التي ضحى من أجلها بزهرة أبنائه، وأرى أن تلك المليونية لم يقصد بها إلا قضاة الانقلاب وهم معروفون للكافة.
- تقول إن محاكمة الرئيس مرسي باطلة دستوريا، هل يمكن أن توضح ذلك؟
لا أدري كيف سترد المحكمة إذا دفع أمامها بعدم الاختصاص ولائيًا بمحاكمة الرئيس، أو بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون، أقول بأن ما جرى في 3 يوليو هذا العام انقلابٌ على الشرعية، وأنه لا يمكن - بحالٍ من الأحوال - أن يمحو إرادة الشعب المتمثلة في رئيسه المنتخب، والدستور الذي أحرز أغلبيةً غير مشهودةٍ في التاريخ، بما مفاده أن الدستور باقٍ لا توجد أداةٌ تعطل عمله،
واستنادًا إلى المادة 152 من الدستور، التي جرى نص فقرتيها الأولى والثالثة على أنه: ''(1) يكون اتهام رئيس الجمهورية بارتكاب جنايةٍ أو بالخيانة العظمى بناءً على طلبٍ موقعٍ من ثلث أعضاء مجلس النواب على الأقل، ولا يصدر قرار الاتهام إلا بأغلبية ثلثي أعضاء المجلس (3) ويحاكم رئيس الجمهورية أمام محكمةٍ خاصةٍ يرأسها رئيس مجلس القضاء الأعلى، وعضوية أقدم نواب رئيس المحكمة الدستورية العليا ومجلس الدولة وأقدم رئيسين بمحاكم الاستئناف ويتولى الادعاء أمامها النائب العام...'' استنادًا إلى ذلك فإن محكمة الجنايات التي ستنظر القضية غير مختصةٍ ولائيًا بنظرها.
كما أن اتصالها بالدعوى الجنائية تم بغير الطريق الذي رسمه القانون، فهل سترد المحكمة على هذا الدفع - إن رأت وجهًا لاختصاصها بأن الانقلاب ليس انقلابًا، أو أنه عملٌ مشروعٌ يبيح للانقلابيين عزل ومحاكمة الرئيس المنتخب كآحاد الناس وتعطيل الدستور، وإن كان ذلك ما ستنحو له المحكمة، أفلا يعد ذلك إبداءً لرأى سياسي مما يُحظر على المحاكم، بموجب الفقرة الأولى من المادة 73 من قانون السلطة القضائية، والتى جرى نصها على أنه ''يحظر على المحاكم إبداء الآراء السياسية '' مما يجعل محاكمة مرسي مستحيلة قانونًا على الوجهين.